حياٌة أدبًا "الثقافةُ لا تُشرى ولا تُباع" طَيْف-ناجي نعمان (لبنان)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
حياة أدبا

حياٌة أدبًا
"الثقافةُ لا تُشرى ولا تُباع"
طَيْف

  لوحةً لناجي نعمان بريشة الفنَّان سامي أبو خير    

جَمال
جميلةٌ أنتِ عندَما تَبْتَسِمين،
جميلةٌ أنتِ عندَما تَتَمَنَّعين،
جميلةً أَراكِ عندَما أَكونُ سَكرانَ،
جميلةً أَراكِ عندَما أَكونُ عَطشانَ؛
أنا أَرى الجَمالَ فيكِ، في عَينَيكِ،
فأَرى الجَمالَ في كلِّ شيء؛
أنا أَرى جَمالَ الدُّنيا فيكِ،
فأنتِ الجَمالُ، وأنتِ الدُّنيا
إلى ابنة الجيران، "خمس وعِشرون"               

قصَّة

أَحْبَبْتُكِ ولَم أَعْرِفْكِ بَعد؛
عَشِقْتُ جَسدَكِ قبلَ أنْ تَراهُ عَيني، وعَشِقَتْ روحي روحَكِ؛
ثمَّ عَرَفْتُكِ حَقًّا، فعِشْتُ حُبِّي، لا حُبَّكِ؛
أَفْرَحْتُ روحي، ونَسِيتُ جَسدي، وجَسدَكِ؛
ولمَّا أَشْعَراني بضَرورة قُرْبِكِ،
حاوَلْتُ، فما اسْتَطَعْتُ، وخَسِرْتُكِ
إلى حُبٍّ أوَّل، "خمس وعِشرون"

إِفْلات
إلى أينَ تَوَدِّينَ الهُروبَ منِّي؟
أإلى السَّماء؟ أإلى الجَحيم؟ أَم إلى حيثُ لا تَدْرين؟
ألا اعْلَمي أنْ لا فَرقَ عندي،
فهَرَبُكِ منِّي لا يُجْديكِ نَفعًا، لا يُعين،
لأنَّكِ، إنِ اسْتَطَعتِ الإفلاتَ منِّي في هذه الدُّنيا،
ففي الآخِرَةِ الكُلُّ واحِدٌ، والحُبُّ آمين
إنَّ الواحِدَ، يا حبيبتي، لا يَعيش،
فَمِمَّ تَخافين؟
إلى حُبٍّ وَّل، "خمس وعِشرون"

طَيْف
هذا الشِّتاء، عندما يَهْطِلُ المَطَر،
وتَتراكَمُ الأوراقُ تحتَ الشَّجَر،
سأَشْتاقُ إليكِ

سأَشْتاقُ إلى عَينَيكِ، إلى هَمْسِ شَفتَيكِ،
إلى وَقْعِ قَدَمَيكِ بينَ الحُفَر،
سأَشْتاق...

سأَشْتاقُ إلى مِظَلَّتِكِ البَيضاء،
وإلى وُشاحِكِ المُخمَليّ،
يَحْجُبانِ خدَّكِ عن النَّظَر،
سأَشْتاق...

سأَشْتاقُ إليكِ هذا الشِّتاء، وفي كلِّ شتاء،
ومَهما هَطَلَ المَطَر، وتَراكَمَتِ الأوراقُ تحتَ الشَّجَر،
لن يَمَّحي طَيْفُكِ، فطَيْفُكِ ظِلِّي، باقٍ،
ما دامَ في النَّاسِ قَلبانِ في سَهَر،
وما دامَ في الكونِ شَمسٌ وقَمَر
حُبٌّ في كلِّيَّة الحقوق، "خمس وعِشرون"

سَكرَة
... وحَبيبتي الَّتي وَعَدْتُ، في أحلامي،
تَقديمَ الزُّمُرُّدِ إليها، والمَرْجان،
سَحَرَني طَرْفُها،
ومَلَكَني طِيبُ ثَغْرِها، ولَمسُها بالبَنانِ،
حتَّى خِلْتُني، في سَكْرَةِ الحُبِّ معها،
أَضُمُّ جَمالاً إلى جَمالٍ، ولبنانًا إلى لبنانِ

ولمَّا لَم أَفِ بوَعدي، وتَبَخَّرَتْ أحلامي،
آثَرَتْ حَبيبتي حُبِّي على المَرْجانِ،
وأَدْرَكَتْ أنَّه، والزُّمُرُّدَ، فانِ،
وأنَّ حُبِّي لها باقٍ،
بقاءَ عِطرِ الأرزِ بلبنانِ
"خمس وعِشرون"

خَجَل
يومَ تَحَكَّمْتُ باللَّيالي،
سَرَقْتُ إحداها، وجَعَلْتُها ليلتي؛
ثمَّ دَعَوْتُكِ؛ وفي مَملكَتي، لمَّا وَصَلْتِ،
أَغْلَقْتُ مَنافِذَ النُّور لِتَحُلَّ الظُّلمَة، لأَخْفِيَ القَمَر؛
لكنَّ ضَحْكَةَ عَينَيكِ، وبَسْمَةَ شَفَتَيكِ،
أَنارَتا مَملكَتي، وقوَّضَتا مُلكي؛
فأَسْرَعْتُ، عندَها، وفَتَحْتُ مَنافذَ النُّور،
فإذا النُّورُ واحِدٌ...
وقد خَجِلَ القَمَر
"خمس وعِشرون"

هِبات
لمَّا افْتَرَشْنا في أحضانِ الطَّبيعةِ لنا مَكانًا
نَفْزَعُ إليه،
ارْتَمَيْنا على بِساطِ قَشٍّ منَّا حَيرانَ،
وسَبَحْنا في عالَمٍ غَريبٍ،
لا شريكَ لنا فيهِ، ولا جِيرانَ،
ثمَّ جَعَلْنا من جَمْعِ الحَصى لنا قَصرًا وحُرَّاسا،
وقَطَفْنا من هِباتِ الحُبِّ ما اسْتَطَعْنا،
حتَّى غدا الصَّخرُ، بقُربنا، نَشْوانَ،
وغنَّتِ السَّماءُ، واحْلَوْلَتِ الشَّمسُ،
ورَقَصَ القَمَرُ ألوانا

وفجأةً، لَم نَدْرِ ما حَصَل،
بَيدَ أنَّ الغَيمَ وَسْطَ السَّماءِ مَثَل،
وعَمَّ الضَّبابُ إيذانا،
فتَساقَطَ الغَيثُ، وانْتَهى الحُبُّ...
فهَرَعْنا، تاركينَ الطَّبيعةَ، نَطْلُبُ العُمرانَ،
وعلى مُفتَرَقِ الطُّرُقِ تَواعَدْنا، وتَوَدَّعْنا،
وفي البالِ خاطِرٌ هامِسٌ:
ليتَ العَوْدَ ما كانَ... ما كانَ
"خمس وعِشرون"

عُمْق
لَم تُلْهِميني سِوى قَصيدةٍ أَخُطُّها اللَّحظَةَ إليكِ،
أُرْسِلُها، والعُمرُ حُبٌّ، أَضَعُها بينَ يَديكِ

... وأَتَذَكَّرُ يَديكِ وخَطْوَكِ، عَينَيكِ، وحَكْيَكِ،
القَلبَ الَّذي شاطَرْتِ، والحُبَّ الَّذي أَرْضَعْتِ،
وما أعمَقَ حُبَّكِ!

لَم تُلْهِميني سِوى قَصيدةٍ،
قَصيدَةٍ هيَ الحياة:
فَدَيْتِني بالهَوى، فنَجَوْتُ ونَعِمْتُ،
فما الطُّهرُ، والقداسةُ،
سِوى قَصيدةٍ أنتِ أَلْهَمْتِها
إلى شريكة العُمر، "خمس وعِشرون"

سَخافَة
أأنا مَن قالَ
إنَّكِ لَم تُلْهِميهِ سِوى قَصيدة؟

ما أسْخَفَني!
إلى شريكة العُمر، "خمس وعِشرون"

وردَة
وَردَتي أَخافُ عليها تَفَتُّحَها،
فكيفَ لَو يَدُ الغَيرِ تَمَسُّها؟

وَردَتي إكسيرٌ في دَمي يَسيل،
وَردَتي حورِيَّةٌ في خَيالي تَميل؛
وَردَتي الطِّيبةُ هيَ، والرِّقَّةُ، والحُبُّ،
وَردَتي الشِّعرُ هيَ، والجَمالُ، والحُلُمُ

وَردَتي، لا قَطَفَتْكِ يَدٌ،
وإنْ يَدي حاوَلَتْ، قَطَعْتُها؛
وَردَتي، لا تَجْزَعي، أَصونُكِ بإحساسي،
فإنْ غَفَتْ عَينٌ، سَهِرَ قَلب

- "حَبيبتي أنتِ، هَلاَّ تَكونينَ وَردَتي"؟
وإذْ بِبُرْعُمَةٍ تَتَفَتَّح:
- "أنا وَردَتُكَ، هَلاَّ تَقْطُفُني"؟

رأسُمال
رأسُمالِكِ ما لكِ،
ورأسُ المالِ في يَدِكِ؛
أفَلا تَتَكَرَّمينَ ببَسْمَةٍ،
بهَمْسَةٍ،
ببَوْسَة؟

يا سينَ الحُبِّ، وجيمَه*،
هَلاَّ تَسْتَجيبينَ لعاشِقِ وَردٍ على خَدِّ،
لسارِق نَظرةٍ من حَدَقِ،
لطامِحٍ في لَمْسِ يَدِ؟

رأسُمالِكِ ما لكِ،
ورأسُمالي قَلَمي،
أَفَتَغْلِبُ اليَراعةُ، يا تُرى،
رَشاقةَ القَدِّ؟

* سؤالُ الحُبِّ وجوابُه.

سِمفونيَّة

أَتَيْتِني مع هُبوب الرِّيح،
من حيثُ النُّفوسُ تَسْتَريح،
وأَيقَظْتِ فيَّ الأنغام

أَيقَظْتِ فيَّ الأنغامَ، فلَعِبْتُ بها،
ولَعِبْتِ، أنتِ، بي
فكانَتْ سِمفونيَّة

سِمفونيَّةَ هُيامٍ أَتِيْتِني
من حيثُ الهائمونَ يَفْتَرِقون
سِمفونيَّةَ عِشْقٍ أَتَيْتِني
من حيثُ العاشِقونَ يَنْتَحِرون

لَعِبْتُ بالأنغامِ،
ولَعِبْتِ، أنتِ، بي
أَتَيْتِني وكُنْتُ نِصفَ إلهٍ،
وغادَرْتِني وقد غَدَوْتُ مَشروعَ طِفل

أنتِ

أنتِ عَينٌ تَحْرُسُني، أنتِ قَلبٌ يَفْديني،
أنتِ روحٌ تُلْهِمُني؛
أنتِ ظِلٌّ يُلازِمُني، أنتِ بَحرٌ يَغْمُرُني،
أنتِ سِحرٌ يَفْتُنُني؛
أنتِ الفَجرُ في الصَّباح، أنتِ البَدرُ في الظَّلام،
أنتِ الزَّمَنُ في العَدَم؛
أنتِ نَبعٌ لا يَنْضُب، أنتِ هَواءٌ لا يَفْسُد،
أنتِ شَمسٌ لا تَغيب؛
أنتِ الوَردُ لَم يُعْتَصَر، أنتِ العِطرُ لَم يُنْشَر،
أنتِ الجَمالُ لَم يُبْتَذَل؛
أنتِ سِرٌّ لَن يُكْشَف، أنتِ مِثالٌ لَن يُبْلَغ،
أنتِ كَونٌ لَن يُحْكَم؛

أنتِ خَمرٌ في دِنان،
أنتِ الكَلِمةُ الأولى والأخيرة،
إسمُكِ على لِساني وفي دَمِ عُروقي،
رسائِلُكِ كَلامٌ مُنزَل،
صورتُكِ تُشْرِقُ مع نَهاري،
وتَغيبُ مع لَيلي؛
ما لَم أَحْلُمْ بكِ لا يُطْبَقُ لي جَفن،
ولا يَطْلَع عليَّ نَهار؛
أنْ تَقْتُليني هو أقصى ما يُمْكِنُكِ عَمَلُهُ بي،
أنْ أَموتَ على يَديكِ هو أقصى ما يُمْكِنُني أنْ أَصْبوَ إليه
ﭙاريس، إلى شريكة العُمر، "أنتِ والوطن"



  من "الرَّسائل" - الرِّسالة الثانية
©الحقوق محفوظة - دار نعمان للثقافة
  ناجي نعمان (لبنان) (2009-06-10)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حياٌة أدبًا

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia